صناعة الزجاج اليدوي في فلسطين.. إبداعٌ يُصنع أمام لهيب الأفران

اشتهرت صناعة الزجاج اليدوي في فلسطين منذ القدم عبر الحضارات القديمة التي قامت على أراضيها.

تطورت هذه الصناعة بشكل واضح بعد دخول الإسلام، حيث ابتكرت أساليب متنوعة في الألوان والزخارف.

بشكل خاص، تتركز هذه الصناعة في مدينة الخليل، حيث توجد ثلاثة مصانع، تستخدم تقنيات يدوية بالكامل،إضافة إلى مصنع في مدينة نابلس أغلق في مطلع الانتفاضة.

من أهم متطلبات العمل في مهنة الزجاج هو تحمل مشقة العمل أمام أفران الشي، وتوفر الروح الإبداعية والفنية التي تؤهل العامل لاكتساب مهارات التشكيل.

لعل هذا هو السبب في عدم وجود الإقبال الكافي لتعليم هذه المهنة وانتشار هذه الصناعة بالشكل الكافي.

تعتمد صناعة الزجاج على المواد الخام المحلية التي غالباً ما تكون من مخلفات الزجاج، لذا فهي صناعة صديقة للبيئة، رغم أنّ أفران الشي ما زالت تستخدم زيوت الديزل والوقود الضار بالبيئة وهو ما يمثّل أهم المشاكل التي لا بد من معالجتها لتطوير هذه الصناعة بالأساليب العلمية التي تواكب المتطلبات البيئية.

أما بالنسبة للتلوين، فكان يُستخدم أكسيد الحديد وأكسيد النحاس.

في الوقت الحاضر، تتم إعادة تدوير الزجاج، حيث تعتمد عديد من العائلات في الخليل على إنتاج الزجاج كمصدر دخل للأسرة، وتم الحفاظ على إسرار المهنة ونقلها من الأجداد إلى الأبناء من قبل هذه العائلات والذين يعملون في مصانع الزجاج التي تقع خارج المدينة.

وفيما يخص طريقة التصنيع، يتم وضع كمية كبيرة من الزجاج تصل إلى 800 كيلو جرام في فرن كبير مصنوع من الطوب الحراري تصل درجة الحرارة فيه إلى 1400 درجة.

يبدأ تشغيل الفرن فجرًا ليبقى مشتعلاً حتى المساء ليتم صهر وإذابة كمية الزجاج كلها، بعد ذلك يخرج الحرفي الزجاج المنصهر من الفرن ويشكله قطعًا ثم يضعه في فرن آخر درجة حرارته أقل ليبرد تدريجيًا ويتم تشكيله حسب الطلب.

ويكون لون الزجاج المنصهر بالعادة مائلاً إلى البياض، ولكن خلال ثوان يأخذ لونًا معينًا، ولعمل زجاج بألوان مختلفة تتم إضافة صبغات ملونة إلى الزجاج بحسب القطع المراد تصنيعها.

يستعين الحرفي بماسورة من الحديد يمسك بطرفها الزجاج الذائب من الفرن ويقوم من خلال تلك الماسورة بالنفخ فيه، كما يستعين بمقص ليقص القطعة وبماسورة أخرى لإخراج كمية صغيرة من الزجاج يعالجها لتشكل مقبضًا للقطعة الأصلية.

يلوح الحرفي بالماسورة بالهواء لتعطيه خلال لحظات الشكل الذي يريد وكأنها عصا سحرية يهمس الحرفي من خلالها لتعطيه ما يتمنى من أشكال رائعة وتحف متناهية الجمال، ويسير العمل علي تلك الشاكلة حتى تنتهي كمية الزجاج المنصهر بأكملها ليطفأ الفرن ويعاد تشغيله في اليوم التالي.

وتستطيع مصانع الزجاج إنتاج كؤوس وكرات وفوانيس وأباريق ومزهريات بأشكال وألوان مختلفة بعضها كتبت عليها آيات قرآنية وبعضها رسمت عليه أماكن دينية مثل الكعبة وقبة الصخرة المشرفة ومدن الخليل والقدس وبيت لحم والناصرة.

تتوزع أسواق منتجات الزجاج اليدوي، بواقع 70% تسوق إلى إسرائيل، و20% تسوق في أوروبا عبر المعارض بشكل خاص، 10% تسوق في الدول العربية وبشكل أساسي في الأردن.