الحدادة في السعودية.. إبداع “الحديد والنار”

تعتبر حرفة الحدادة، واحدة من أكثر الحرف التي سجلت انتشارًا كبيرًا في المملكة العربية السعودية على مدار تاريخها الحضاري والتراثي.

ورغم كل التحديات التي تشهدها حرفة الحدادة بشكلها التقليدي، إلا أنّها مازالت تروي أحداث الزمن الماضي، وتشير إلى الأهمية الصناعية لمدن بعينها منذ قرون عديدة.

تتطلب مهنة الحدادة الصبر وقوة البأس، حيث أنّ صاحب هذه المهنة يتعامل مع الحديد والنار.

يعتمد العمل في مهنة الحدادة على استخدام الفحم بشكل رئيسي، حيث يوضع في مكان مخصص، ثم تشعل فيه النار حتى يصبح جمرا وتوضع فيه قطع الحديد التي يُراد تشكيلها حتى تصبح حمراء، فتؤخذ وتوضع على قطعة من الفولاذ مثبتة في الأرض، ثم تبدأ عملية الضرب باستخدام مطرقة قوية تتشكل القطعة بحسب التصميم المراد.

انتشرت هذه الحرفة بشكل رئيسي في منطقة الباحة، وكانت تمثّل أحد أركان الحياة الرئيسية في المنطقة، لدرجة أنه لو توقف عمل الصُّنَّاع عن ممارسة مهنتهم لتوقفت الحياة في المنطقة تقريبًا.

أنتج صنّاع هذه الحرفة كثيرًا من الأدوات الضرورية للزراعة وللحياة اليومية، مثل المحش (المنجل) لحصاد الزرع، والسكاكين للتقطيع، ومثل الكانون للطبخ.

من منتجات هذه الحرفة أيضًا الحديدة التي تُوضع في المحراث لشق الأرض وحرثها والتي تُسمى “اللومة”، وصناعة العُتُل لقلع الأحجار من الجبال، وسَنّ العتلة عندما تتثلم من كثرة الاستخدام في الصخور القاسية.

ظل الصناع يقدمون خدماتهم للمجتمع إلى أواسط التسعينيات الهجرية / السبعينيات الميلادية، إذ بدأت المنتجات الصناعية تحل محل ما يصنعونه من أدوات.

وبعض الأدوات التي كان الفلاحون يستخدمونها توقفوا عن استخدامها مثل العتلة، والكانون، و (المنـزاع) لنـزع اللحم من القدور، وحديدة المحراث، والمحش وغيرها من الأدوات.

كما أنّ بعض الصناع تحولوا إلى صناعة الخناجر، والسيوف، وصناعة بعض الحلي الفضية التي لا تزال تجد قبولاً عند الناس مثل الخواتم.