قمريات اليمن.. زينةٌ وتفاخر (فيديو وصور)

يتعلق اليمنيون بالقمريات، يعشقونها، يستحضرونها من ماضيهم العريق ويحيونها في واقعهم، وسيخلدونها في مستقبلهم.

“القمريات” فن معماري يمني أصيل، يزخرف ويجمل نوافذ منازلهم، يرصعونها بهذه اللوحات الفنية الماسية المبدعة، يتعلق الناس بها لدرجة جنون العاشقين، لدرجة أنهم يعتبرون أن البيت الذي لا قمرية فيه فهو لا بركة به.

القمرية عبارة عن نصف دائرة تعلو النوافذ بالواجهات الخارجية للمبنى، وتتكون من مادة تسمى الجص “الجبس” ذي اللون الأبيض، وفي داخلها أشكال زخرفية مختلفة يُزينها الزجاج الملون كالأزرق والأحمر والأصفر والبرتقالي.

تعكس “القمرية” أشعة الشمس في النهار وإضاءة القمر في الليل بطريقة خلابة جاذبة، لتعطي لوحة خلابة من خلال امتزاج الأضواء مع ألوان القطع الزجاجية المتناثرة عليها.

تصنيع القمرية يعتمد على عدة خطوات، تبدأ بخلط الجُص (المادة الرئيسية في عملية التصنيع) بالماء، ويُترك حتى ما قبل التجمّد، ثم يتم صبه على لوح خشبي بأبعاد معينة تحوي مساحة القمرية، بعدها تُرسم القمرية مع تحديد شكلها الخارجي بآلة ‏”الفرجار‏”‏.

بعد ذلك، تأتي عملية رسم الزخارف والنقوش باستخدام السكاكين والفرجار الصغير، ثم عملية الحفر لإظهار الزخارف، والتي يتم تجهيزها مسبقًا من خلال الرسم على الورق المقوى.

 

يلي ذلك ترك القمرية لمدة يومين حتى تجف، وبعدها تبدأ مرحلة تثبيت قطع الزجاج وتوزيع ألوانها.

المرحلة الأخيرة هي مرحلة النظافة الكاملة بإزاحة وتنظيف بقايا طبقة الجُص المثبت للزجاج لإظهار زخرفة القمرية في صورتها النهائية.

تتعدد الأشكال الزخرفية للقمريات، وتعتمد على موهبة وخيال الحرفي ورغبة الزبون الذي يحدد الشكل الزخرفي الذي يريده قبل البدء في صناعة القمرية‏، ومنها “ياقوتي – رماني – شعاع – زنجيري – مقبب – أبوحوتي”.

منذ فترات طويلة، يستخدم اليمنيون، القمرية في المنازل بالمدن والأرياف، وعادة ما يتم وضعها في الطوابق العلوية أو ما يسمى بالمفرج في العمارة اليمنية.

يصل عدد القمريات في المبنى الواحد إلى ما يزيد على عشر قمريات، ويتضاعف العدد مع بناء طوابق علوية إضافية في البيت الواحد.

بدايات استخدام القمرية في العمارة اليمنية تعود لما قبل 4000 عام، وفق بعض الدراسات التي أشارت إلى أنّ استخدام الرخام الشفاف كمادة تسمح بنفوذ ضوء الشمس لداخل المبنى ترجع لعصر ملوك سبأ.

عاملون في صناعة القمريات يرجعون أصولها لليهود اليمنيين القدماء الذين أبدعوا فيها واشتهروا بالدّقة ورسم لوحات فنية وأشكال متميِّزة رائعة الجمال، وتناقلت الأجيال المتعاقبة هذه الصنعة عنهم.