صناعة السفن الخشبية في الإمارات.. تراثٌ روَّض البحار

تعتبر صناعة السفن الخشبية واحدة من الصناعات التراثية التي عرفتها دولة الإمارات وسجّلت حضورًا مهمًا وفاعلًا، اتصالًا مع اعتماد الإماراتيين منذ القدم على ركوب البحر كسبيل للتجارة مع دول الجوار.

صناعة السفن تسمى محليًّا “القلافة” وهي تعد من أقدم المهن في الإمارات وهي من المهن الشاقة، وقد نشأت على شواطئ الإمارات، مهنٌ وصناعاتٌ أهمها صناعة السفن الخشبية التي توارثها الأبناء عن الأجداد، بإبداع لا يضاهيه إبداع في جميع مناطق الدولة.

صناعة السفن في الإمارات في البداية متخصصة في صنع السفن المتوسطة الحجم التي تستعمل لصيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ.

كانت هناك أيضًا سفن وقوارب صغيرة تستخدم للتنقل السريع بين السفن الكبيرة والأخوار والشواطئ داخل الإمارات يطلق عليها الأهالي تسميات مختلفة مثل الشاحوف والماشوة والهوري واللنج والشاشة وغيرها.

هذه السفن كانت تستخدم غالبًا للغوص في مسافات قريبة من الشاطئ وأحيانًا يتنقل بها الطواويش بين سفن الغوص الكبيرة وهي في مواقع الصيد.

صناعة السفن لها تقاليد وآداب تناقلتها الأجيال والأيدي التي مارست هذه المهنة الشاقة إذ يراعى في الصناعة النظافة أثناء العمل والصدقية التي تحكم العلاقات والتعاملات بين التجار والقلاليف، إضافة إلى أخذ الموازين والمقاييس في الاعتبار لضمان الحصول على منتج نهائي بجودة عالية.

يتولى صناعة السفن العديد من الحرفيين الذين يتولون عملية النجارة وصناعة أجزاء السفينة المختلفة وصناعة الأشرعة والدقل الذي يرفع عليه الشراع، ويسمى الصاري وهو قطعة من الخشب طويلة توضع وسط السفينة ويرفع عليها الفرمن وهو قطعة من الخشب يعلق فيها الشراع الذي يرفع فوق سطح السفينة.

يمتد العمل من الصباح الباكر حتى مغيب الشمس وتمارس غالبًا تحت أشعة الشمس أو تحت مظلة خفيفة لا تكفي لردع حرارة الجو أو رطوبته.

“البوم” هي إحدى أنواع السفن التي اشتهرت في الإمارات ودول الخليج العربي، وقد كانت تنقل البضائع عبر موانئ الخليج العربي وموانئ الهند وشرق إفريقيا.

هناك أيضًا “السنبوك”، وهي من السفن المعروفة والمشهورة في الإمارات والخليج العربي، وكانت تُستعمل في الصيد والغوص على اللؤلؤ، وهناك سفينة “الجالبوت” التي تستعمل في الغوص على اللؤلؤ والأسفار والصيد أحيانًا، وسفينة “البغلة” وهي من السفن القديمة الكبيرة الحجم تستعمل للتنقل بين موانئ الخليج العربي والهند وكانت تستعمل في الأسفار قبل ظهور البوم، وسفينة “شوعي” التي تُستعمل للغوص على اللؤلؤ وصيد الأسماك وهناك سفن أخرى كانت تستعمل للشحن والأسفار وصيد الأسماك.